أثار ما يُعرف بـ"زواج التجربة"، مؤخرا، حالة من الجدل داخل المؤسسات الدينية، والمجتمع المصري، بسبب ما يتضمنه من شروط وُصفت بـ"المخالفة للزواج الشرعي"، والخارجة عن الدين الإسلامي.
وتقوم فكرة "زواج التجربة" التي أطلقها أحد المحامين المختصين في قضايا الأسرة، على توقيع طرفي العقد قسيمة قانونية، تتضمن بعض الشروط التي تنظم حياة كلًا منهما مع الآخر وفقًا لرؤيتهما المشتركة، كالأمور المادية، أو أمور عمل الزوجة من عدمه، ومدى موافقة الزوجة لتعدد زيجات زوجها من عدمه، ومدى الرغبة المشتركة في الإنجاب، وغيرها من الأمور التي تعد بمثابة دستور حياتهما.
ويُعد عقد القران لاغيا في حالة تراجع أيا من الطرفين عن أي بنود تضمنها تلك الوثيقة، وأن يتم تحديد مدة الزواج في العقد كفترة أولية تتراوح من 3 إلى 5 سنوات.
وتستعرض بوابة العاصمة نيوز، أبرز ردود أفعال عدد من المؤسسات والشخصيات الدينية على "زواج التجربة"، وذلك على النحو التالي:-
1- الأزهر: زواج التجربة فاسد لا عبرة له
في أول رد فعل من الأزهر الشريف، أكد المركز العالمي للفتوى، أن الزواج ميثاق غليظ لا يجوز العبث به، واشتراط عدم وقوع انفصال بين زوجين لمدة خمس سنوات أو أقل أو أكثر في ما يسمى بزواج التجربة اشتراط فاسد لا عبرة به، واشتراط انتهاء عقد الزواج بانتهاء مُدة مُعينة يجعل العقد باطلًا ومُحرَّمًا.
وأوضح، أن الزَّواج في الإسلام آية من أعظم آيات الله سبحانه، وميثاق سمَّاه الله سبحانه مِيثاقًا غليظًا، ومنظومة مُتكاملة تحفظ حقوق الرَّجل والمرأة، وبقاء زواجهما، وسعادتهما، وتحفظ ما ينتج عن علاقتهما داخل إطاره من أولاد.
ولفت إلى من أهمِّ دعائم نجاح هذه المنظومة هو قيام عقد الزواج بين الرجل والمرأة على نيَّة الدَّيمومة والاستمرار، والتحمّل الكامل لمسئولياته كافَّة، لا أن يقوم على التأقيت، وقصد المُتعة إلى أجل حدده الطرفان سلفًا مقابل مبلغ من المال يدفعه الرجل للمرأة -وإن سمياه مهرًا-، دون اكتراث بما يترتب عليه من حقوق ومسئوليات وأبناء وبنات.
وعلى الجانب الآخر كفل الإسلام لكلا طرفي هذا العقد الحُرَّين البالغين العاقلين الرَّشيدين حق إنهاء الزوجية في أي وقت استحالت فيه العِشرة بينهما، دفعًا لضرر مُحقَّقٍ لا يُحتَمل مِثلُه عادةً.
وجَعَل حَلّ هذا العقد بيد الزوج عن طريق الطَّلاق، أو الزوجة عن طريق الخُلع، أو القاضي عند التَّرافع إليه لرفع الضَّرر عن المرأة مع حفظ حقوقها الشَّرعية.
أمَّا عن صورة عقد الزواج المُسمَّى بـ"زواج التجربة" فإنها تتنافى مع دعائم منظومة الزواج في الإسلام، وتتصادم مع أحكامه ومقاصده؛ إضافةً إلى ما فيها من امتهان للمرأة، وعدم صونٍ لكرامتها وكرامة أهلها، وهذه الصورة عامل من عوامل هدم القيم والأخلاق في المجتمع.
فزواج التجربة -كما قرَّر مُبتدعوه- هو زواج محظور فيه على كلا الزوجين حَلّه بطلاق من الزوج، أو خلع من الزوجة، أو تفريق من القاضي مدة خمس سنوات، أو أقل أو أكثر، على أن يكون ذلك شرطًا مُضمَّنًا في عقد الزواج إلى جوار شروط أخرى يتفق عليها طرفاه.
2- الإفتاء: ندرس الناحية الشرعية والقانونية لزواج التجربة
أكدت دار الإفتاء، أنها اطلعت على الأسئلة المتكاثرة الواردة إلينا عبر مختلف منافذ الفتوى حول ما يُسَمَّى إعلاميا بمبادرة زواج التجربة، والتي تُعْنَى بزيادة الشروط والضوابط الخاصة في عقد الزواج، وإثباتها في عقد مدني منفصل عن وثيقة الزواج، والهدف من ذلك: "إلزام الزوجين بعدم الانفصال في مدة أقصاها من ثلاث إلى خمس سنين، يكون الزوجان بعدها في حِلٍّ من أمرهما، إما باستمرار الزواج، أو الانفصال حال استحالة العشرة بينهما".
وأكدت أن هذه المبادرة بكافة تفاصيلها الواردة إليها قَيْد الدراسة والبحث عبر عدةِ لجان مُنْبَثِقةٍ عن الدار، لدراسة هذه المبادرة بكافة جوانبها الشرعية والقانونية والاجتماعية؛ للوقوف على الرأي الصحيح الشرعي لها، وسوف نعلن ما تَوصَّلنا إليه فور انتهاء هذه اللجان من الدراسة والبحث.
3- نقيب المأذونين: العقد المشروط باطل.. و"زواج التجربة" مرفوض شكلا وموضوعا
انتقد إسلام عامر نقيب المأذونين، إطلاق فكرة زواج التجربة، مشيرًا إلى أن هذه الأفكار غريبة على المجتمع المصري.
وقال، إن العقد المشروط باطلًا إذا كان الشرط يحل حراما أو يحرم حلالا، مشيرا إلى أن فكرة زواج التجربة لا تناسب المجتمع المصري، والعقد المشروط بمدة باطل، مؤكدا أن الزواج على سبيل التجربة مرفوض شكلا وموضوعا.
4- أحمد كريمة: "زواج التجربة" لا علاقة له بالإسلام من قريب أو بعيد
قال الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، إن تحديد مدة في عقد الزواج يجعله باطلا.
وأضاف، أن مذهبي الإباضية والسنة ينصان على أن تحديد مدة في العقد يجعله باطلا، إضافة إلى أن الزواج التي توضع فيها شروط غير المتفق عليها لا يعد صحيحا، مشددا على أن هذا النوع من الزواج لا علاقة له بالإسلام من قريب أو بعيد.
5- خالد الجندي: "زواج التجربة" مهزلة وتلاعب بشرع الله.
قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية التابع لوزارة الأوقاف، تعليقا على ما يطلق عليه "زواج التجربة": "أصبح اليوم أشكال من الزواج لا علاقة للاسلام بها، ولما الشخص اللى عامل الموضوع ده قال مش زواج ده عقد تصالح بين زوجين متخاصمين، وكلمة زواج تجربة دى من أجل الترويج والدعاية فى الإعلام ".
وتابع الجندي، خلال حلقة برنامجه "لعلهم يفقهون"، المذاع على فضائية "dmc"، اليوم الاثنين: "شوف عامل إعلان زواج ويقول تجربة هل المرأة تُجرب، هذا كلام خطير وتلاعب بشرع الله، ولابد من وقف هذه المهزلة".